الجمعة، 20 سبتمبر 2024

من أحاديث الهزيع ...فكرة الذكرى

من وحي ذكرى تراودني.

الذكريات، سواء كانت جيدة أو سيئة، او كانت سعيدة او حزينة فإنها تعود شيئًا فشيئًا كقطع اللغز، فتتجمع قطعة تلو الأخرى حتى تكتمل الصورة تماما لنجد أنفسنا نعيش من جديد لحظات مضت ولم يتبقى منها إلا ذلك الشعور القديم إما بالسعادة أو بالحزن. لنعيش مرة أخرى ذلك الشعور الفريد الذي جعل من تلك اللحظات شيئا مميزا عشناه وانتهى وبقيت فقط آثاره مخبئة بين حنايا القلب أو معلقة على جدران  الذاكرةوأنا لازلت أتذكرك ذلك اليوم، وأتذكر تلك القطعة الصغيرة من الورق التي ناولتك إياها في يدك البيضاء، الجميلة، المرتعشة.

وقد فعلت ذلك بكل احتياطات وحذر الثعلب الماكر لتجنب الأعين الوقحة والنظرات المتطفلة لزملائنا في العمل.وكنت قد كتبت لك فيها جملة قصيرة على عجل لا اذكرها.

ما اذكره هو عندما اخدت من يدي تلك الورقة وقرأت ما بها إشتعل فجأة بريق عينيك من وراء نظاراتك كأنه الشمس مدت يديها لتربت على جبيني بأشعتها الدافئة.

منذ تلك اللحظة وأنا أعلم بأن كل أبواب قلبك قد فتحت لي، ولي وحدي فقط. فتحت على مصراعيها وكان شعورا لذيذا بالتفوق والانتصار بأنني اقتحمت صروحك وأسوارك ودخلت من خلالها فاتحا منتصرا. فجأة إختفى العالم من حولي في تلك اللحظة ولم اعد أرى احدا وكأنني فقدت البصر كما فقدت قلبي للأبد.

وأنا أهم بالإنصراف ألقيت علي نظرتك تلك الساحرة التي كانت بمثابة قميص النبي يوسف، إذ يلقى على وجه أبيه فارتد بصيرا.كان الأمر كما لو أنني اكتشف العالم لأول مرة من خلال عينيك.نظرتك تلك، قالت كل شيء عن قصتنا التي ولدت للتو.

واليوم، وبعد كل تلك السنين التي مرت كالسحاب على تلك الولادة الجميلة. ها أنت لازلت تطاردينني في أحلامي لأشعر مجددا بنفس الشغف وبنفس الحب وبنفس الالم، وبنفس الغيرة وبنفس كل شيء كان بيننا بدأناه ولم يكتمل.فكأن الزمان ما غاب عنا، وكأن الطريق لم ينسى خطانا، وكأن الأمسيات مازالت رؤانا.

أيها الحلم الذي لم يكتمل، أيها الجرح الذي لم يندمل. أيها الشوق الملتهب الذي كلما إحترق بالكامل عاد ليشتعل.
وتبقى فكرة الذكرى تلك الجمرة المدسوسة بين حنايا القلب والتي لا تموت أبدا والتي قد تشتعل في أي لحظة لتصير نيرانا متوهجة من الحنين لشخص ما، لمكان ما، لزمن ما، لشيء ما، لك وحدك حتى أوارى الثرى.

وتلك عندي فكرة الذكرى...

عبد الرحمان وعليشان.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من أحاديث الهزيع ...فكرة الذكرى

من وحي ذكرى تراودني . الذكريات، سواء كانت جيدة أو سيئة، او كانت سعيدة او حزينة فإنها تعود شيئًا فشيئًا ك قطع اللغز، فتتجمع قطعة تلو الأخرى ح...